تامر عبد الحميد (أبوظبي)

صرح الممثل الكويتي القدير سعد الفرج أن ما يقدم حالياً في دراما وسينما العالم العربي خلال السنوات الخمس الماضية، «تحت الصفر» إلا ما ندر، معتبراً أن سبب ذلك يعود إلى المحطات التلفزيونية التي ابتعدت عن الإنتاج، وأعطت المساحة للمنتج المنفذ أن يساير المعلن، الذي بدوره أصبح المتحكم الأساسي في نوعية الأعمال الفنية التي تقدم، ويفرض أيضاً أسماء الممثلين المشاركين، وكذلك الموضوعات المطروحة، من دون وعي فني، ما جعل الأعمال الدرامية والسينمائية في العالم العربي تتراجع.
سعد الفرج في حواره مع «الاتحاد»، خلال زيارته «أبوظبي للإعلام» للاتفاق على عرض مشروعه الدرامي الجديد «سدره وعازف الناي» ضمن ماراثون دراما رمضان المقبل على شاشة تلفزيون أبوظبي، دعا إلى ضرورة عودة المحطات التلفزيونية للإنتاج مجدداً، لكي تعود الدراما الخليجية إلى عصرها الذهبي من جديد، بتقديم أعمال ذات مضمون ومحتوى هادف يرقى بالمستوى والمشاهد، خصوصاً أن لديها الإمكانات والكوادر المؤهلة لصناعة أعمال فنية ذات قيمة.

دراما رمضان
وعن مشروعه الفني الجديد «سدره وعازف الناي»، أوضح أنه انتهى مؤخراً من تصوير دوره فيه، وأن العمل في مرحلة المونتاج حالياً، ليكون جاهزاً للعرض في دراما رمضان 2019، لافتاً إلى أن العمل يتناول قضايا أصحاب الهمم، من جميع جوانب حياتهم والمصاعب التي يمرون بها، ونظرة المجتمع والأهل لهم.
وقال: «سدرة وعازف الناي» من تأليف نعيم نور وإخراج يوسف البلوشي، وتم تصويره في سلطنة عمان، ويشارك في بطولته سعيد قريش وإلهام الرشيدي وصالح زعل وشمعة محمد وأمينة القفاص وفارس البلوشي، وحينما قرأت النص أعجبت بفكرته كثيراً، لأنه لون جديد وقصة إنسانية مختلفة، فهذا العمل ينطبق عليه مقولة أن الفن رسالة، ورسالة المسلسل السامية، تسليط الضوء على أصحاب الهمم، ومن واجبنا نحن كفنانين، وواجب صُناع الدراما، تنفيذ العديد من الأعمال حول هذه الفئة، وإظهار إبداعاتهم ودورهم الكبير في المجتمع، لافتاً إلى أنه لم يتقاض أجراً حول هذا العمل، خصوصاً أنه إنساني بالدرجة الأولى، وكان في غاية السعادة وهو يقدم للمرة الأولى دور حارس دار لرعاية أصحاب الهمم.

حارس الدار
ولفت سعد إلى أن المسلسل يتطرق إلى قضايا اجتماعية عدة، كالأحداث المرتبطة مع الحارة والجيران، بينما يكون الخط الرئيس في المسلسل حول فتاة من أصحاب الهمم تدعى «سدرة»، تبلغ من العمر 12 عاماً، وتعاني صعوبات عدة في حياتها، فتتركها أسرتها أمام دار لرعاية أصحاب الهمم، ليتكفل برعايتها حارس الدار، وهو رجل عجوز وضعه ابنه في دار للرعاية.

كبار المواطنين
سعد الفرج ساهم في إثراء الحركة الفنية في الكويت من خلال مشاركاته في المسرح والدراما والسينما والإذاعة، عبر مسيرة طويلة حافلة بالتميز والنجاح، وكتب عدداً كبيراً من المسرحيات، وترك بصمة بارزة في الفن الكويتي، ونال الكثير من التكريمات والجوائز، وشارك مؤخراً في بطولة فيلم «شباب شياب» مع سلوم حداد ومنصور الفيلي ومرعي الحليان، وكانت تدور أحداثه أيضاً حول كبار المواطنين وطبيعة حياتهم، وحول ما إذا كان هناك تشابه في قصة العمل مع مسلسله الجديد، قال: «سدرة وعازف الناي» مختلف تماماً عن «شباب شياب»، فالمسلسل لا توجد به أحداث في دار كبار المواطنين على عكس الفيلم الذي أغلب أحداثه تمت داخل الدار، في حين تدور قصة العمل الدرامي حول أسرة تذهب لزيارة دار كبار المواطنين، ليعجبوا هناك برجل عجوز، ويقترحون عليه العيش معهم في بيتهم، ومع توالي الأحداث، تفقد الزوجة زوحها وأولادها في حادث أليم، فتقرر أن توهب نفسها لخدمة دار أصحاب الهمم، وقرر هذا الرجل مساعدتها بالعمل حارساً.

انتقاء فني
«بس يا بحر».. «تورا بوا».. «السدرة»، أعمال سينمائية قدمها سعد الفرج خلال مسيرته الفنية، وحول إذا كان هناك مشروعات سينمائية جديدة، قال: «النجاح الذي حققه «شباب شياب» سواء في الإمارات أو السعودية أو العراق، فتح شهيتي على السينما، بالمشاركة في أعمال بالمستوى والفكر نفسه بل وأعلى، كاشفاً عن أن هناك مشروعين سينمائيين جديدين يدرسهما في الوقت الحالي، الأول مع المخرج ياسر الياسري، والآخر عمل مصري، لافتاً إلى أنه وصل إلى مرحلة من العمر الفني التي يجب أن يولي فيها اهتماماً بانتقاء الأعمال التي يشارك في بطولتها.

معادلة صعبة
وأكد الفرج أن «شباب شياب» حقق المعادلة الصعبة، بتقديم الكوميديا بقالب إنساني اجتماعي، وتوافرت فيه كل عناصر النجاح، سواء من خلال تقديمه لموضوع إنساني، وتولى إخراجه ياسر الياسري الذي اعتبره من المخرجين المتمكنين الذي يهتم بأدق التفاصيل، وكذلك الممثلين المخضرمين الذين تبارزوا، ليس في مباراة تنافسية، إنما في مباراة ودية لإظهار رسالة الفيلم المهمة، مؤيداً أهمية وجود مثل هذه الأعمال الفنية المشتركة التي تساعد على تبادل الخبرات والثقافات.

احترام والتزام
وحول تعاونه مع نخبة من كبار النجوم في الوطن العربي، الذين اجتمعوا في عمل واحد هو «شباب شياب»، أوضح أن العمل مع الكبار أسهل من الصغار، حيث احترام المواعيد والزملاء وإتقان العمل، وأفضلية إظهار زميله في المشاهد، وأنه لا يعني من كلامه هنا التعميم على أن كل الممثلين الشباب غير ملتزمين، إنما يشير إلى أن النجومية في العصر الحالي أصبحت سهلة والانتشار والصعود إلى النجومية صار سريعاً بحكم وجود الـ«سوشيال ميديا»، وهذا الأمر يقلل من وجود الخبرة، على عكس الفنانين قديماً الذي لم يواكبوا ما يحدث في العصر الحالي، واجتهدوا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه حالياً، وكونوا مسيرة ملأى بالخبرة الفنية.

قرارات صائبة
وأشاد بالقرارات الصائبة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية، بالاهتمام بصناعة السينما وافتتاح صالات عرض سينمائية، ما يثري الساحة الخليجية بالعديد من الأعمال، خصوصاً أن الإنتاج الفردي عرض بعض المنتجين إلي الخسارة في السنوات الماضية بحكم عدم وجود الجمهور وغياب الدعم، لذلك فإن العملية الإنتاجية، خصوصاً في دول الخليج، تحتاج إلى دعم من الجهات المعنية بالفن.

صراعات ومآسٍ
وحول اتجاه بعض المنتجين في تنفيذ أعمال سينمائية ودرامية كوميدية، إرضاء لمقولة «أن الجمهور عايز كدا»، قال الفرج: «الكوميديا ليست عيباً، بل هي من أصعب أنواع التمثيل، خصوصاً إذا كان لها هدف، فمن الممكن أن نرضي الجمهور بما يريد، ضمن مضامين ورسالة وهدف، فوسط الصراعات والمآسي التي تعصف بالعالم العربي، يجب إنتاج أعمال تخفف على المشاهد وطأة هذه الأحداث، وتظهر ابتسامته، لكن في الوقت نفسه، يجب أن يكون العمل الكوميدي هادفاً ويحمل مضموناً متماسكاً».

شكسبير وهاملت
لعب سعد الفرج، من خلال مسيرته الفنية، الكثير من الأدوار في العديد من الأعمال الدرامية، منها «محكمة الفريج» و«درب الزلق» و«الأقدار» و«سوق المقاصيص» و«لعبة كبار» و«مسك وعنبر» و«بوكريم برقبته سبع حريم» و«مجموعة إنسان»، وعن الدور الذي يحلم بتقديمه، قال: «الممثلون والمخرجون الكبار في هوليوود، بعدما يصبحون من الأثرياء، ولديهم مسيرة فنية طويلة، يتجهون نحو إنتاج وتنفيذ الأعمال العالمية مثل «شكسبير» و«هاملت»، ويضعون فيها رؤيتهم الفنية بحكم خبرتهم، وأتمنى في الفترة المقبلة أن أخوض في مثل هذه التجربة من خلال عمل مسرحي، لكني بالطبع لست من أصحاب الملايين».

«رجال وأقدار»
عاد سعد الفرج بذاكرته إلى الوراء، وتحدث عن قصة بعنوان «رجال وأقدار»، ألفها أثناء دراسته في أميركا، ووقتها ترجمت إلى اللغة الإنجليزية، وعرضت على كاتب سيناريو، كان يريد تحويلها إلى عمل فني عالمي، بعنوان Men and destiny من بطولته، لكن لم يكتمل المشروع، خصوصاً أن كاتب السيناريو أراد أن يفرغ نفسه لقضاء 6 أشهر في مناطق أحداث القصة التي تدور في أكثر من دولة خليجية، منها اليمن، وكان من الصعب عليه التفرغ لذلك، خصوصاً أنه كان في السنة الأخيرة بالدراسة، إلى جانب منحه بعثة دراسية حكومية.

انفصال فني
تحدث سعد الفرج عن انفصاله الفني مع الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا، مؤكداً أن هذا الانفصال جاء في صالح الفن الكويتي خصوصاً «أبو الفنون»، فبعد أن قدما بعض الأعمال المسرحية والدرامية، ارتأى البعض أن انفصالهما سيعود لمصلحة الفن والمسرح، لاسيما أن كل واحد منهما لديه لون ومدرسة مختلفة، مؤكداً أن الانفصال جاء بينهما من دون أي خلافات شخصية.